لعلَّ من أهمِّ أسباب الاختلاف في الأمة اختلافَ قراءة النصوص الشرعية، ومن ثَمَّ من أهم أسباب الوحدة وحدة القراءة، والسبيل إلى ذلك العلم.
إنَّ اختلافَ القراءة أشبه باختلاف الفرضيات الرِّياضية أو النَّظريَّات الفيزيائية، حتَّى إذا وقع البرهان العلمي تحوَّلت الفرضية إلى مبرهنة، والنَّظرية إلى قانون، واجتَمَعَ أهلُ الأرضِ في هذا العلم أو ذاك، على كلمة واحدة.
بين أيدينا نص من كلام النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- للقراءة وهو:
عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه- قال: خرج رجلانِ في سفر، فحضرت الصَّلاة، وليس معهما ماء، فتيمَّما صعيدًا طيبًا، ثم وجدَا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يعدِ الآخر، ثم أتيا رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: «أصبت السنة، وأجزأتك صلاتك»، وقال للذي توضأ وأعاد: «لك الأجر مرتين» [1].
قلت: لما حضرت الصلاة وليس مع الصَّحابيَّين ماء، تيمما؛ وذلك لعلمهما بحكم التيمم.
قال تعالى في سورة المائدة: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: 6].
ثم إنَّهما وجدا الماء في الوَقْت، فنشأت مَسألةٌ جديدةٌ، هل يُعيدان الصلاة أو لا؟
لم يكُنْ عند أحدهما عِلْم سابق بهذه المسألة، وكان لابد من اتِّخاذ قرار، فرأى أحدُهما أن يعيد الصلاة ففعل، وكان رأيُ الآخر عدم الإعادة.
هذا الرَّأْي أو ذاك إنَّما هما اجتهاد، والاجتهاد إمَّا أن يصيبَ، فيوافقُ حُكْمَ الله وحكم رسوله- صلَّى الله عليه وسلَّم- أو أن يخطئ.
ولو سُئِلَ امرؤ: أيُّ الرجلين خير: الذي أعاد، أم الذي لم يعد؟
لربَّما كان الجواب: طبعًا الذي أعاد خير من الذي لم يُعِد، فالذي أعاد أخذ الأجر مرَّتين، أمَّا الذي لم يعد، فله أجر واحد، يقول ذلك استنتاجًا.
بالتأمُّل في الحديث نستخلص ما يلي:
1- إنَّ أوَّل ما قام به رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- بعد أن استمع لسؤال الرَّجلين، وما ذَكرا له من فعلهما- هو أنَّه توجه أولًا بالقول للذي لم يُعدِ الصلاة، وفي هذا التَّوجه دلالة على فضل الرَّجل على صاحبه؛ لأنَّ أهل الفضل لهم التقدُّم على غيرهم، ويشهد لهذا حديث رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضَّعيف، وفي كل خير» [2]، كذلك قوله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الماهر بالقرآن مع السَّفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن، ويتتعتع فيه وهو عليه شاق، له أجران» [3].
وقد ذكر العلماء أن الماهر في القرآن خير وأعظم أجرًا؛ قال النووي في شرح الحديث: قال القاضي وغيره من العلماء: وليس مَعناه الذي يَتتعْتع عليه له من الأجر أكثر من الماهر به، بل الماهر أفضل وأكثر أجرًا؛ لأنَّه مع السفرة، وله أجور كثيرة، ولم يذكر هذه المنزلة لغيره، وكيف يلحق به من لم يعتن بكتاب الله- تعالى- وحفظه، وإتقانه، وكثرة تلاوته وروايته، كاعتنائه حتَّى مهر فيه؟! والله أعلم [4].
فإذا علم أنَّ الماهرَ بالقُرآن أفضل من الذي يتتعتع فيه، وعلم أن له أجورًا عظيمة، وأنه مع السفرة- كان المناسب أنْ يكونَ ذكرُه في المقام الأول، وكان ذلك شاهدًا لما ذهبنا إليه، وهو أن توجهه- صلَّى الله عليه وسلَّم- للأوَّل بالكلام كان دليلًا على فضله على صاحبه.
1- في قوله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أَصَبْتَ» أمور عدة:
أولًا: تدل هذه الكلمة على أنَّ الرَّجل اجتهد فأصاب، فالإصابة إنَّما تكون نتيجة للاجتهاد؛ قال السندي: وهذا تصويب لاجتهاده [5].
ثانيًا: تدل الكلمة على أنَّ الرسول- صلَّى الله عليه وسلَّم- أقَرَّ اجتهاد الرجل، فتصويب الاجتهاد دليل على قبوله.
ثالثًا: وأنه لم يأثم باجتهاده.
رابعًا: ومنه دليل على مشروعية الاجتهاد لغير العالم، للحكم في مسألة شرعية، إذا اعترضه حال يستدعي منه الاجتهاد.
خامسًا: ينطبق على الرجل إذ اجتهد فأصاب: قولُ رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إذا حكم الحاكم، فاجتهد ثم أصاب، فله أجران» [6].
2- في قوله: «أصبت السنة»، قال في عون المعبود: أصبت السنَّة؛ أي: الشريعة الواجبة، وصادفت الشريعة الثابتة بالسنة [7].
فالسنة هنا تعني الشَّريعة الواجبة التي لا يعذر أحد بمُخالفتها إذا علمها؛ قال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «فمن رغب عن سنتي، فليس مني» [8].
وهي غير السنة في المصطلح الفقهي التي تعني النَّافلة، فالاجتهادُ غايته مُوافقة هدي النبي- صلى الله عليه وسلم- وسنته؛ قال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «وأحسن الهدي هدي محمد» [9].
فلما قال للرجل: «أصبت السنة»، علم أن اجتهاده بلغ أحسن الهدي.
4- لما قال الرسول- صلَّى الله عليه وسلَّم- للأول: «أصبت السنة»، فَهِمَ الآخر وأدرك أنَّه باجتهاده في إعادة الصلاة قد أخطأ السنة؛ قال السندي: أصبت السنة؛ أي: وافقت الحكم المشروع، وهذا تصويب لاجتهاده، وتخطئته لاجتهاد الآخر [10].
5- كان يمكن أن يقتصر جواب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على عبارة: أصبت السنة، فبذلك يتم المعني ويفهم، لاسيما أن البلاغة في الإيجاز، وأنه- صلَّى الله عليه وسلَّم- أوتي جوامع الكلم [11]، إلا أن الرسول- صلَّى الله عليه وسلَّم- أراد أن يبيِّن سبب الإصابة، فقال: «وأجزأتك صلاتك»؛ قال في عون المعبود: «وأجزأتك صلاتك» تفسير لما سبق؛ أي: كفتك عن القضاء، والإجزاء: عبارة عن كون الفعل مُسقطًا للإعادة [12].
إذًا؛ فظنُّ الرجل أنَّ الصلاة التي أدَّاها بتيمم صحيحة، واطمئنانه بها، والتسليم لله فيما شرع، والارتياح له وعدم الحرج منه- جعله يَختار ألاَّ يعيدَ الصلاة، فكان ذلك جوهر الإصابة، ومكمن الصواب في اجتهاده، في حين أن إعادة الصلاة تعني أنَّ في النفس من الصلاة الأولى شيئًا.
قال في عون المعبود: فأعاد أحدهما، إما ظنًّا بأن الأولى باطلة، وإما احتياطًا [13].
قلت: وفي كلا الحالين كان يفتقد للاطمئنان للصَّلاة التي أداها بتيمم، وهذا مكمن الخطأ في اجتهاده.
ملاحظة: يستفاد في هذا المقام أنَّ الاجتهادَ في مَعرفة الحكم الصحيح، ومِن ثَمَّ الاطمئنان له، ثم الاطمئنان به- خير من الاحتياط في الأحكام.
6- لما تحدَّث رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- للآخر لم يقل: أمَّا أنت فأخطأت، ذلك أن الرجل فهم هذا من جواب الأوَّل كما ذكرنا آنفًا، ولو قالها، لكانت ثقيلة على النَّفس، وذلك مما يتنافى مع الخُلُق العظيم الذي وصفه به الله- عزَّ وجل-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4]، ومع قوله- سبحانه وتعالى-: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، ولو أنَّه ترك الرجل ولم يقل له شيئًا لحزن؛ لذلك تجده تكلم إليه بما تطيب له النفس- وما تكلم إلا بحق- قال: «لك الأجر مرَّتين»، فمن أسلوبه التربوي في مثل هذا الموقف أنْ ينبِّه إلى الجانب الخيِّر والإيجابي في المرء، فهو البشير- صلَّى الله عليه وسلَّم.
فمن ذلك:
أ- بعد قوله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضَّعيف» [14]، قال: «وفي كُلٍّ خير»، وفي ذلك مُواساة للمُؤمن الضَّعيف في أنَّ الخيرَ لم يقتصر على المؤمن القوي، بل في الضعيف أيضًا نصيب من الخير.
ب- كذلك بعد أن قال: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة»، قال: «والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران»، قال النَّووي: وأمَّا الذي يتتعتع فيه، فهو الذي يتردد في تلاوته؛ لضعف حفظه، فله أجران، أجر بالقراءة وأجر بتعتعته في تلاوته ومشقته [15].
قلت: إنَّ هذه التَّعتعة مَدعاة لضَعْف النَّشاط وفتور الهمة، فإذا علم صاحبها أنَّ له فيها أجرًا، كان ذلك باعثًا لنشاطه وحافزًا لهمته، إن شاء الله.
ج- وما رواه أبو بكرة- رضي الله عنه-: أنَّه جاء والنبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- راكع، فسمع النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- نعل أبي بكرة، وهو يحضر يريد أنْ يُدرك الركعة، فلما انصرف النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «من الساعي؟»، قال أبو بكرة: أنا، قال: «زادك الله حرصًا، ولا تَعُد» [16].
فلم يقتصر الرسول- صلَّى الله عليه وسلَّم- على قول: لا تعد، بل إنَّه نبَّه لأمر طيب في الرجل، وهو الحرص على إدراك الخير وفضيلة الجماعة مع الرَّسول- صلَّى الله عليه وسلَّم- فدعا له: «زادك الله حرصًا»، ثُمَّ قال: «ولا تعد».
د- وفي قوله لعمر بن الخطاب- رضي الله عنه- إذ وصفته النِّسوة بالفظاظة: «إيهًا يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده، ما لقيكَ الشيطانُ سالكًا فجًّا قطُّ، إلا سلك فجًّا غير فجك» [17].
إذًا؛ فقد قال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- ما قاله- وهو حقٌّ- حتى لا يحزن عمر- رضي الله عنه- فكان هذا الخلق العظيم منه- صلَّى الله عليه وسلَّم- الرَّءوف بالأُمَّة والرحيم.
أقول: من أجل ذلك قال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- للآخر: «لك الأجر مرتين».
7- ولماذا الأجر مرتين؟
بَدَهِيٌّ أن الأجر الأول هو أجرُ الصلاة التي أجزأته، فما الأجر الآخر؟ والجواب: قد علمت أن الرجلَ اجتهد فأخطأ، فإذا أقرَّ الاجتهاد، وعلم أنَّه اجتهاد خاطئ، علم أنَّ الأجر الآخر هو أجر الاجتهاد الخاطئ؛ لقول رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ، فله أجر» [18].
في حين نال الأول أجْرَ العمل- الصلاة- وأَجْرَيِ الاجتهاد الصَّائب؛ لقوله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب، فله أجران»، فيكون بذلك قد نال ثلاثة أجور إن شاء الله.
ملاحظة: يفيد أن نذكر في هذا الموضع أمرين:
1- ما عاب رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- على الرَّجلين اختلافهما في الاجتهاد في المسألة، وهذا إنْ دلَّ على شيء يدل على حرية الفكر في الإسلام.
2- نوال الأجر في كلٍّ من حالي الصواب والخطأ يدُلُّ على تشجيع الإسلام على الاجتهاد للوصول إلى الصواب.
(مرتين): تعني مرَّة ثم مرة؛ أي: أخذ الأجر في وقت، ثُمَّ أخذ الأجر في وقت ثانٍ؛ مِمَّا يدل على أنه قام بعملين مُستقلين في وقتين مُختلفين نال بكل واحد منها أجرًا.
يستفاد مما سبق: أنَّ جزاء الاجتهاد الخاطئ يُساوي أجر العمل، أمَّا جزاء الاجتهاد الصائب، فيعادل ضعفي أجر العمل.
8- ما الذي يمنع من اعتبار الأجر الآخر أجر إعادة الصلاة؟
والجواب:
أولًا: إنَّ هذا الاعتبار يناقض ما سبق ذكره من الأدلة ولا دليل.
ثانيًا: نهى رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- عن إعادة الصلاة، فقال: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين» [19].
قال في عون المعبود: قال في الاستذكار: اتَّفق أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه على أن معنى قوله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين»: أنَّ ذلك أن يصليَ الرجل صلاةً مكتوبة عليه، ثم يقوم بعد الفراغ منها، فيعيدها على جهة الفرض أيضًا، وأمَّا مَن صلى الثانية مع الجماعة على أنَّها نافلة، فلا إعادة حينئذ، كذا في النيل [20].
قلت: فالذي أعادها إنَّما أعادها على جهة الفرض، وهذا يتَّفق مع ما ورد في عون المعبود: فأعاد أحدهما، إما ظنًّا بأن الأولى باطلة، وإما احتياطًا [21].
قلت: وهذه الإعادة على جهة الفرض هي ما نهى عنه رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم.
ثالثًا: إذا اعتبرنا جدلًا أنَّ الأجر هو أجر الصَّلاة، وأنَّ الأجرَ الآخر هو أجر الإعادة، فأين ذهب أجر الاجتهاد؟ بل أجرَا الاجتهاد إن عُدَّ صائبًا؟
رابعًا: لم ينهَ رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- عن إعادةِ الصَّلاة المجزئة فحسب؛ بل عدَّ إعادتها ربًا.
فعن عمران بن الحصين- رضي الله عنه- قال: سرينا مع رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فلما كان من آخر الليل عرسنا، فلم نستيقظْ حتى أيقظنا حَرُّ الشمس، فجعل الرجل منَّا يقوم دهشًا إلى طهوره، قال: فأمرهم النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يسكنوا، ثم ارتحلنا، فسِرْنَا حتى إذا ارتفعت الشمس توضأ، ثم أمر بلالًا فأذَّن، ثم صلى الركعتين قبل الفجر، ثم أقام، فصلينا، فقالوا: يا رسول الله، ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ قال: «أينهاكم ربكم- تبارك وتعالى- عن الربا، ويقبله منكم؟» [22].
قلت: قد علم أن الصلاة التي أداها الرجلان بتيمم كانت مُجزئة، فهل يقبل الله- تعالى- الربا؟ إذًا؛ فالله- تعالى- قبل من الرجل اجتهاده الخاطئ، وليس مُجرد الإعادة؛ وذلك لأنَّه لم يكن يعلم الهدي، فلما علمه لم يحقَّ له أن يخالفه؛ قال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «فمن رغب عن سنتي، فليس مني» [23].
وأخيرًا: لما كان التيمم رخصة من الله- تبارك وتعالى- رخصها لعباده عند فُقدان الماء، فيفيد أن نذكر قول رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته» [24].
فعلى قدر كرهه- سبحانه- للمعصية يحب الرخصة، فلا يزهدنَّ بها، فالرخصة في موضعها كالعزيمة في موضعها، لا تنقص عنها بشيء، كلاهما من عند الله، ومن شرع الله، وكلاهما في موضعه مجزئ، يحبه الله، ويرضى عنه، ويثيب عليه؛ بل إن الرغبة عن الرخصة في موضع الرخصة من التشدد الذي ينافي يسر هذا الدين، وينهى عنه الشرع.
وبعد، فإنَّ نصاعة البينة والبرهان العلمي ينبغي أن يؤكد عليهما، كما ينبغي التأكيد على ترك كل مُخالف للبينة من الآراء المرجوحة الضعيفة، فهذا مما يدعم وحدة الأُمَّة، ويقلل الشرذمة والتَّفرُّق، ويضعف الانتصار للأهواء.
هذا؛ وكل فلاح فيه سابقون، والمأمول من العلماء- الذين هم أخيار الأُمَّة- المأمول منهم أن يسعوا إلى كشف البينة، وترك ما يُخالفها، حتى يكونوا حقًّا هداةً مهديين.
وأخيرًا: أسأل الله أن يهديني والمؤمنين إلى البينات، وأن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه؛ إنَّه على كل شيء قدير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه.
اللهم آمين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه أبو داود في سننه في الطهارة، باب في المتيمم يجد الماء بعدما يُصلي في الوقت، برقم: 338، واللَّفظ له، ونحوه النَّسائي في الغسل والتيمم، باب التيمم لمن يَجد الماء بعد الصلاة، (1/213)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، برقم: 338.
[2] رواه مسلم في القدر، باب الأمر بالقوة وترك العجز، والاستعانة بالله، برقم: 2664.
[3] رواه البخاري في تفسير القرآن، سورة عبس، برقم: 4653، ومسلم في صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل الماهر بالقرآن والذي يتتعتع فيه، رقم: 798، واللفظ له.
[4] شرح مسلم، للنووي، (2/875).
[5] شرح سنن النسائي، (1/213).
[6] رواه البخاري في صحيحه، في الاعتصام بالكتاب والسنة، باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، برقم: 6919، واللفظ له ومسلم في الأقضية، باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، برقم: 1716، وتمامه: «وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر».
[7] شرح سنن أبي داود، (1/280).
[8] رواه البخاري في النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم: 4776، ومسلم في النكاح، باب الترغيب في النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم: 1401.
[9] رواه البخاري في الأدب، باب في الهدي الصالح، برقم: 5747.
[10] في شرح سنن النسائي، (1/213).
[11] رواه البُخاري في الجهاد والسير، باب قول النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «نصرت بالرُّعب مسيرة شهر»، برقم: 2815، عن أبي هريرة قوله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «بعثت بجوامع الكلم»، ومسلم في أوائل كتاب المساجد ومواضع الصلاة، برقم: 523، بلفظ: «أعطيت جوامع الكلم».
[12] شرح سنن أبي داود، (1/280).
[13] شرح سنن أبي داود، (1/280).
[14] سبق تخريجه في مسلم، برقم: 2664.
[15] في شرح مسلم، (2/875).
[16] رواه أحمد في مسنده من حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث بن كلدة، برقم: 20435، واللفظ له، وهو عند البخاري في صفة الصلاة، باب إذا ركع دون الصف، برقم: 750.
[17] رواه البخاري في فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب، برقم: 3480، ومسلم في فضائل الصَّحابة، باب عمر برقم: 2396، ونص الحديث: عن سعد بن أبي وقاص- رضي الله عنه- قال: استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- وعنده نسوة من قريش يكلمنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن على صوته، فلما استأذن عمر بن الخطاب، قمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فدخل عمر ورسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنَّك يا رسول الله، فقال النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «عجبت من هؤلاء اللاَّتي كنَّ عندي، فلما سمعن صوتَك، ابتدرن الحجاب»، فقال عمر: فأنت أحقُّ أن يهبن يا رسولَ الله، ثم قال عمر: يا عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم، فقلن: نعم، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم- فقال رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إيهًا يا ابن الخطاب...»؛ الحديث.
[18] سبق تخريجه في البخاري، برقم: 6919، ومسلم، برقم: 1716.
[19] رواه أبو داود في الصلاة، باب إذا صلى في جماعة، ثم أدرك جماعة أيعيد، برقم: 579، وأخرجه الألباني في صحيح أبي داود، وقال: حسن صحيح.
[20] شرح سنن أبي داود، (2/172).
[21] شرح سنن أبي داود، (1/280).
[22] رواه أحمد في مسنده من حديث عمران بن الحصين، برقم: 19964.
[23] سبق تخريجه في البخاري برقم 477، ومسلم برقم 1401.
[24] رواه أحمد في مسنده، من حديث عبدالله بن عمر، برقم: 5866، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (1/377)، وزاد: وفي رواية: «كما يحب أن تُؤتى عزائمه».
الكاتب: محمد صباح الدين زهراء.
المصدر: موقع الألوكة.